عمر رزوق
بيلساني مجند


- إنضم
- Nov 12, 2008
- المشاركات
- 1,395
- مستوى التفاعل
- 45


القرآن ودقيق البيان
متى تكون المرأة زوجاً ومتى لا تكون ؟
عند التمعن والنظر بمعاني الآيات القرآنية التي جاء فيها لفظ " زوج " و" امرأة " , نرى أن لفظ " زوج " إنما ُيطلق على المرأة في حال تمت الأمور الزوجية بينهما , كالانسجام والتوافق بشكل تامّ بينهما , بدون خلاف أو اختلاف عقائدي ديني أو نفسي أو جنسي . فإن لم يكن هذا التوافق والانسجام متوفرا تاما كاملاً ، ولم تكن الزوجية متحقّقة بينهما , فالقرآن الكريم يطلق عليها لفظ " امرأة " وليس زوجاً.
كقوله تعالى : "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" , وقوله تعالى : "وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا" .
ومن هنا كان لفظ " زوجة " في القرآن الكريم عن حواء , زوجاً لآدم عليهما السلام , كقوله تعالى : " وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ " . ومن أجل هذا الاعتبار كان لفظ القرآن الكريم واصفا نساء النبي صلى الله عليه وسلم " أزواجاً " , كقوله تعالى : "ا لنَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ" .
ذكر " امرأة " في القرآن الكريم :
عندما أخبرا الله تعالى في القرآن الكريم قصة نبييه نوحا ولوطا كان اللفظ " امرأة " فقال تعالى : "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا. " فقد كانتا كافرتين بالرغم من كونهما امرأتا نبيين , لكن لم يتوفر الانسجام والتوافق بينها , لهذا لم تكنّ " زوج " إنما " امرأة " .
وعلى عكس امرأتا نوح ولوط الكافرتين , كانت " امرأة " فرعون مؤمنة تعبد الله تعالى , ولكن فرعون كان كافرا فانعدم الانسجام والتوافق فكانت كما قال تعالى : " وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ " .
إن أروع ما ورد في القرآن الكريم بهذا الموضوع , وهذا التفريق بين " زوج " و " امرأة " ما أخبرنا به من قصة النبي زكريا عليه السلام ودعائه أن يرزقه الوريث الولد , لقد كانت امرأته عاقر , فدعا الله تعالى طمعا بآية , فاستجاب الله تعالى له .
لمّا كانت امرأة زكريا عليه السلام عاقرا , وصفها الله تعالى بقوله : " وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا " . وأوحى الله تعالى لنبيه زكريا عليه السلام بأن امرأته ستُنجب له الولد الوريث فأعاد الكلام عن العُقم فقال تعالى : " قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء" . هنا لم يتوفر الانسجام التناسلي فوقع عدم التوافق , فكان لفظ : امرأة " .
أزال الله تعالى مانع الحمل ,فولدت يحي عليه السلام, فعندها توقف ذكر لفظ "امرأة " عنها فأطلق عليها لفظ " زوج " لتوفّر الانسجام والتوافق والاقتران فقال تعالى : "وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ." . لقد كانت قبل الولادة " امرأة " وبعد الولادة " زوج " .
فانظر معي لدقّة التعابير القرآنية .
اللهم علمنا ما ينفعنا , وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما
سأتابع .....
سأتابع .....