السينما الإيرانية بين الألق والقلق

DE$!GNER

بيلساني محترف

إنضم
Apr 4, 2011
المشاركات
2,637
مستوى التفاعل
44
المطرح
بين الأقلام والألوان ولوحات التصميم
تحصد الأفلام الإيرانية منذ سنوات جوائز متميزة في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية، فالسينما الإيرانية قد تحولت إلى عنوان جودة عالمية، بإمكان المرء الإقبال عليها بثقة مطلقة، فما مدى جودة السينما الإيرانية؟.
وما تفسير النجاح الكبير لهذه السينما في الخارج على وجه الخصوص؟
لهذا الأمر أسباب عديدة، ففي السينما الإيرانية تلعب عناصر مثل الأخلاق والإنسانية والعلاقات بين الناس دورا كبيرا، وهي أشياء لها جذورها في الثقافة الإيرانية، كما أنه بإمكان المرء أن يستشف الكثير من علامات وبصمات الهندسة المعمارية في نجاح السينما الإيرانية. والملاحظ أن الكثير من البيوت الإيرانية لها حدائق وباحات فسيحة جدا، لكن الشوارع والأزقة في العديد من الأحياء وبخاصة الفقيرة منها ضيقة جداً، ويقال إن ذلك يضفي عليها بعداً جمالياً.
كما أنه لا مفر للناس من التلاقي داخل هذا الفضاء طال الزمن أم قصر- وكل واحد يحس بأنفاس الآخر قريباً منه، ولا يسعه بصفة ما سوى أن يتلافى الخصام. ونجاح السينما الإيرانية يكمن بطبيعة الحال أيضاً في كونها تقدم للمشاهد أوجهاً أخرى من الحياة والثقافة في إيران، أي صوراً أخرى غير تلك التي يعرفها المرء من خلال وسائل الإعلام الغربية.
ولكن، هل تلاقي السينما الإيرانية في إيران نفس النجاح الذي تلاقيه في الخارج؟
في إيران يتم إنتاج ما بين 70 و 80 شريطاً سينمائياً في السنة، ويمكن تصنيفها حسب أنواع عديدة، هناك الأفلام التجارية البحتة والأفلام التي يتم إنتاجها وفقاً لما يرتجى أو يطلب من طرف مراكز ومؤسسات معينة أو للتلفزيون، حول شخصية تاريخية مثلاً، والأعمال السينمائية الفنية تمثل بدورها صنفاً مستقلاً.
وبالرغم من طموحاتها الفنية العالية تجد صدى لدى جمهور واسع، وحالياً تتطرق الأفلام التجارية أيضاً إلى مواضيع هامة، وأنها مقارنة بالسينما التجارية لما قبل الثورة تعتبر أكثر جودة وإتقاناً. لقد غدا بإمكان المرء أن يشاهد بعد الثورة الإسلامية لسنة 1979 وجود احتياطي هائل من المواهب والمواضيع، ويلاحظ المرء أن السينما الإيرانية قد حققت قفزة عملاقة بعد الثورة بثماني سنوات تقريباً.

أَلق الفيلم الإيراني
يعد بهرام بيضايي من المخرجين السينمائيين الأكثر شهرة في إيران اليوم، وقد حقق قبل ثلاث سنوات بفيلمه الأخير (قتل الكلاب المسعورة) نجاحاً فائقاً، حيث كان من أكثر الأفلام تحقيقاً للإيرادات في العقود الماضية، إلا أن هذا الفيلم، قد ظل غير معروف تقريباً في البلدان الغربية، تماماً مثل (عاملة المخبز) و(بساط الريح) و(نار وماء) والتي كانت أفلاماً ناجحة.
إلى جانب صعوبة ترجمة محتوى الأفلام هناك سؤال آخر يطرح نفسه وهو: هل تشكيلة الأفلام التي تعرض في أوروبا وفي الغرب تمثل فعلاً السينما الإيرانية؟ لقد انبرى عدد من السينمائيين يرددون احتجاجهم بأن هذه المادة السينمائية المصدرة ليس لها دور سوى إرساء صورة غريبة خاطئة عن إيران.
"أطفال السماء" و"الصمت" و"زمن الجياد السكرى" وغيرها من الأفلام غالباً ما تروي قصصاً أسطورية عن مظاهر التضامن والصداقة، وهي تتخذ في أغلب الأحيان أحياء الضواحي الفقيرة أو مناطق قروية ذات ألوان بديعة كمسرح لأحداثها، أما شخصياتها فغالباً ما تكون من الأطفال.
هذا الرأي الذي يعيب على السينما الإيرانية طابعها المغترب عن الواقع، قد يكون فيه جانب من الصواب، بحكم الواقع الحياتي الإيراني، لكنه ليس صائبا كلياً، إذ أن الكثير من تلك الأفلام الغنية بالصور الاستعارية والمحسنات البديعية، إنما تحيل إلى خصوصيات ذات طابع "إيراني مميز".
إنها تنبع كلها من خصوصية شعرية أصيلة، فالشعر الإيراني الكلاسيكي هو الذي يمدها بهذه الصور البسيطة الواضحة والمركبة، والتي يصوغ المخرجون من خلالها آراءهم النقدية ويستعرضونها بأسلوب رمزي.
لكن هذا المنحى الجمالي يمكن أن يكون قد تحول إلى موضة، وهكذا غدت بعض الأعمال تنجز ضمن التطلع إلى إمكانية رواج في الخارج. ويمكن للمرء أن يشتمّ من وراء الحالات الشهيرة للوقوع تحت طائلة الرقابة نوعاً من "زوابع" مفتعلة، إذ أن ذلك يمنح فرصة للنجاح في الغرب.
 
أعلى