DE$!GNER
بيلساني محترف





- إنضم
- Apr 4, 2011
- المشاركات
- 2,637
- مستوى التفاعل
- 44
- المطرح
- بين الأقلام والألوان ولوحات التصميم



لكل شيء عند الشاعر السوري الراحل نزار قباني معنى وصورة ومقابل لغوي شاعري حتى الولادة التي لا يمكن أن يتذكرها إنسان. يقدم قباني تصوراً لها وكأنه شهدها ليصل من خلال توصيفها إلى المدينة دمشق التي ولد ونشأ فيها والتي رافقته في حقيبة سفره في كل مرة غادرها فيها إلى بلدان المغترب التي عرفته شاعراً ودبلوماسياً وإنساناً.
ولد نزار قباني في مئذنة الشحم سنة 1923 وتربى في بيت دمشقي عريق لوالد يعمل في التجارة ويقدم كل ما يملك للحركة الوطنية آنذاك عاشقاً للشعر والفن الموروث في العائلة عن جدها المسرحي السوري الأول أبو خليل القباني.
منذ الطفولة المبكرة عشق الشاعر الاكتشاف والألوان والموسيقا والحب رغم عدم تكون نظرية واضحة لديه في ذلك الوقت عن كل هذه المصطلحات إلا أن هذه الاهتمامات ولّدت عنده حالة شعرية متميزة للغاية وحدت هذه الاهتمامات الفنية والجمالية في مجال الشعر وأخذت سياقها المنظم في كلية الحقوق بجامعة دمشق حيث أصدر أول دواوينه الشعرية وهو مازال طالباً جامعياً بعنوان (قالت لي السمراء) 1944.
بعد تخرجه من الجامعة عام 1945 بدأ الشاعر بعمله الدبلوماسي بين السفارات السورية في الخارج فمن القاهرة إلى أنقرة فلندن وباريس ومدريد وبكين حيث أتاحت له هذه التنقلات إغناء التجربة وإعطاءها ثيمة التنوع.
يعتبر نزار قباني مدرسة شعرية قائمة بذاتها من خلال اختراقه للشكل الشعري الكلاسيكي والمضمون الرتيب خاصة في مرحلة الأربعينيات والخمسينيات حيث استهجنت أشعاره وهوجم من قبل الكثير من الأوساط المحافظة لغوياً واجتماعياً لجرأته في التمرد على العادات أولاً وعلى اللغة ثانياً. منذ ديوانه الأول (قالت لي السمراء) بدأت المعركة ضد الشاعر المحدث وتجسدت بشكل أكبر بكثير مع قصيدته (خبز وحشيش وقمر) التي صدرت عام 1956 والتي اعتبرت التحول الأهم في حياة الشاعر بسبب الشهرة التي نالتها والجدل الذي أثارته على مساحة الوطن العربي.
توالت بعد ذلك مجموعاته الشعرية بمختلف العناوين والموضوعات إلا أن ما يجمعها هو عشق الوطن سواءً كان متمثلاً بقصة حب مع فتاة أو بقصة حب مع مكان أو بثورة ضد الظلم فكانت سامبا، أنت لي، يوميات امرأة لا مبالية وصولاً إلى (هوامش على دفتر النكسة) عام 1967 ثم (قصائد متوحشة) وقصائد مغضوب عليها، حبيبتي، الرسم بالكلمات، قصائد حب عربية، مئة رسالة حب، أشعار خارجة عن القانون، كل عام وأنت حبيبتي، أشهد ألا امرأة إلا أنت، وغيرها. مني نزار في حياته بعدة أزمات بدءاً من وفاة أخته وصال مبكراً ثم وفاة والده ثم وفاة ابنه توفيق عن سبعة عشر عاماً ثم والدته التي عاش طفلاً في حضنها حتى بعد تقدمه في العمر وصولاً إلى الغياب الأكبر وهو وفاة زوجته العراقية بلقيس الراوي التي قتلت في تفجير السفارة العراقية ببيروت عام 1982 هذه الوفاة التي غيرت نموذجه الشعري وكست قصائده بالدموع والرفض وكانت أهم المجموعات بعد هذه الحادثة مجموعته المعنونة باسم (بلقيس) التي اعتبر فيها اغتيالها اغتيالاً للقصيدة والحياة. بعد بلقيس ترك نزار بيروت وانتقل إلى باريس وجنيف ثم لندن ليقضي بقية حياته ويكتب قصائد الرفض هناك تحت عنوان (متى يعلنون وفاة العرب) و(المهرولون) ثم توفي في لندن في 30 نيسان عام 1998 عن عمر ناهز 75 عاماً ودفن في دمشق المدينة التي رادف اسمه اسمها في كل مكان حتى أبجديته الشعرية سميت باسم (أبجدية الياسمين).