وضعت قهوتي جانباً , لا أريد أن أحتسيها , فإني قد فقدتً شهيّتي لكل شيء , حتي أنني فقدت شهيتي للكتابة , فقد توارت كلماتي خلف ستار ألمٍ غمّ علي حياتي دونما ذنب , لكنه ما قدّره الله سبحانه . وأظنني مؤمن بالله سبحانه , فإنني قلما أغضب أو أزعل أو ألوم لإيماني بقضاء الله سبحانه , ولأعمال الناس التي تكوّن وتكون لهم قدرهم .
آمنت دائما وما زلت وسأبقى بأن الهروب من المشكلة أو تجاهلها , هو بداية تعقيدها وبداية السير في طريق الحلّ الخاطيء .
هي لا تستطيع التخلّص من تأثيرات الماضي التي تسيطر على حاضرها فتدمره وعلى مستقبلها فتسحقه , مع كل طيبة قلبها ونقاء سريرتها وطهارة نفسها وسماء روحها , أراها تضحي بكل شيء من أجل لاشيء , أما أنا , فإني على طرف نقيض , نبذتُ الماضي بكل ما فيه ودفنته تحت ركام شقاء عشته , ولكن ويظهر بأن الله تعالى سبحانه قد صنّفني من التعساء , لا بنقص مال ومتاع إنما بسعادة وهناء , أو أقله ما قد مضى وخبرته , لحكمة منه وعنده . لا أبحث عن مذنبٍ لأحمّله الأعباء ,أو أتهمه بالوعثاء , أخذتُ بالأسباب قدر استطاعتي فلم أحظى بالتوفيق , وكل كان ما مني الرضا بأمر الله سبحانه مع كل الألم والحزن والضيق , وليس بذنب أحد , لكنني قد اعتدت الأمر منذ زمن بعيد فلا جديد وما عدتُ أريد.
أما أنتِ فجوهرة اعتلاها غبار الماضي فرأيتِ نفسك فقدت البريق وكأن جوهر الجوهرة اختفي , كل ما عليكِ , إن أردتِ , نفض غبار الماضي عن الجوهرة لتعودي تمتّعي عينيكِ بتألقكِ . ولا تحمّلي نفسك ما لا يوجد الذنب ولا تحاولي الهروب من واقع نحياه , ومن ودٍ نمّيناه وهذّبناه , فلا يُحفرُ قبرٌ لمن لم يمت بعد .
بردت قهوتي وبرد معها ما كان قد اشتغل من دمع عيوني .