سحر الشرق
بيلساني سنة رابعة





- إنضم
- Dec 15, 2008
- المشاركات
- 733
- مستوى التفاعل
- 30
- المطرح
- دمشق

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد و على اله
وصحبه أجمعين
الكذبات الثمانية
ليس دائما ً: تقول أمي الحقيقة !!..
ثماني مرات : كذبت
أمي عليّ !!!...
تبدأ القصة عند ولادتي ، فكنت الابن الوحيد في أسرة
شديدة الفقر
فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا
....
وإذا وجدنا في يوم من الأيام بعضا ًمن الأرز
لنأكله ويسد جوعنا :
كانت أمي تعطيني نصيبها .. وبينما كانت تحوِّل
الأرز من طبقها إلى
طبقي كانت تقول : يا ولدي تناول هذا الأرز
، فأنا لست جائعة ..
وكانت هذه كذبتها الأولى
وعندما كبرت أنا شيئا قليلا كانت أمي تنتهي
من شئون المنزل وتذهب
للصيد في نهر صغير بجوار منزلنا ، وكان
عندها أمل أن أتناول سمكة قد
تساعدني على أن أتغذى وأنمو ، وفي مرة من
المرات استطاعت بفضل
الله أن تصطاد سمكتين ، أسرعت إلى البيت
وأعدت الغذاء ووضعت
السمكتين أمامي فبدأت أنا أتناول السمكة
الأولى شيئا فشيئا ، وكانت أمي
تتناول ما يتبقى من اللحم حول العظام
والشوك ، فاهتز قلبي لذلك ،
وضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها ،
فأعادتها أمامي فورا وقالت :
يا ولدي تناول هذه السمكة أيضا ، ألا تعرف
أني لا أحب السمك ..
وكانت هذه كذبتها الثانية
وعندما كبرت أنا كان لابد أن ألتحق
بالمدرسة ، ولم يكن معنا من المال
ما يكفي مصروفات الدراسة ، ذهبت أمي إلى
السوق واتفقت مع موظف بأحد
محال الملابس أن تقوم هي بتسويق البضاعة بأن
تدور على المنازل
وتعرض الملابس على السيدات ، وفي ليلة شتاء
ممطرة ، تأخرت أمي في
العمل وكنت أنتظرها بالمنزل ، فخرجت
أبحث عنها في الشوارع المجاورة ،
ووجدتها تحمل البضائع وتطرق أبواب البيوت ،
فناديتها : أمي ، هيا نعود
إلى المنزل فالوقت متأخر والبرد شديد
وبإمكانك أن تواصلي العمل في الصباح ،
فابتسمت أمي وقالت لي : يا ولدي.. أنا لست
مرهقة ..
وكانت هذه كذبتها الثالثة
وفي يوم كان اختبار آخر العام بالمدرسة ،
أصرت أمي على الذهاب معي ،
ودخلت أنا ووقفت هي تنتظر خروجي في حرارة
الشمس المحرقة ،
وعندما دق الجرس وانتهى الامتحان خرجت لها
فاحتضنتني بقوة ودفء
وبشرتني بالتوفيق من الله تعالى ، ووجدت
معها كوبا فيه مشروب كانت
قد اشترته لي كي أتناوله عند خروجي ،
فشربته من شدة العطش حتى ارتويت ،
بالرغم من أن احتضان أمي لي : كان أكثر
بردا وسلاما ، وفجأة نظرت
إلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه ،
فأعطيتها الكوب على الفور وقلت لها :
اشربي يا أمي ، فردت : يا ولدي اشرب أنت ،
أنا لست عطشانة ..
وكانت هذه كذبتها الرابعة
وبعد وفاة أبي كان على أمي أن تعيش حياة
الأم الأرملة الوحيدة ، وأصبحت
مسئولية البيت تقع عليها وحدها ، ويجب
عليها أن توفر جميع الاحتياجات ،
فأصبحت الحياة أكثر تعقيدا وصرنا نعاني
الجوع ، كان عمي رجلا طيبا
وكان يسكن بجانبنا ويرسل لنا ما نسد به
جوعنا ، وعندما رأى الجيران
حالتنا تتدهور من سيء إلى أسوأ ، نصحوا أمي
بأن تتزوج رجلا ينفق
علينا فهي لازالت صغيرة ، ولكن أمي رفضت
الزواج قائلة :
أنا لست بحاجة إلى الحب ..
وكانت هذه كذبتها الخامسة
وبعدما انتهيت من دراستي وتخرجت من الجامعة
، حصلت على وظيفة
إلى حد ما جيدة ، واعتقدت أن هذا هو الوقت
المناسب لكي تستريح أمي
وتترك لي مسؤولية الإنفاق على المنزل ،
وكانت في ذلك الوقت لم يعد
لديها من الصحة ما يعينها على أن تطوف
بالمنازل ، فكانت تفرش فرشا
في السوق وتبيع الخضروات كل صباح ، فلما
رفضت أن تترك العمل
خصصت لها جزءا من راتبي ، فرفضت أن تأخذه
قائلة :
يا ولدي احتفظ بمالك ، إن معي من المال ما
يكفيني ..
وكانت هذه كذبتها السادسة
وبجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة
الماجيستير ،
وبالفعل نجحت وارتفع راتبي ، ومنحتني
الشركة الألمانية التي أعمل بها
الفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا
، فشعرت بسعادة بالغة ،
وبدأت أحلم ببداية جديدة وحياة سعيدة ،
وبعدما سافرت وهيأت الظروف ،
اتصلت بأمي أدعوها لكي تأتي للإقامة معي ،
ولكنها لم تحب أن تضايقني
وقالت : يا ولدي .. أنا لست معتادة على
المعيشة المترفة ...
وكانت هذه كذبتها السابعة
كبرت أمي وأصبحت في سن الشيخوخة ، وأصابها
مرض السرطان اللعين ،
وكان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها ، ولكن
ماذا أفعل فبيني وبين
أمي الحبيبة بلاد ، تركت كل شيء وذهبت
لزيارتها في منزلنا ، فوجدتها
طريحة الفراش بعد إجراء العملية ، عندما
رأتني حاولت أمي أن تبتسم لي
ولكن قلبي كان يحترق لأنها كانت هزيلة جدا
وضعيفة ، ليست أمي
التي أعرفها ، انهمرت الدموع من عيني ولكن
أمي حاولت أن تواسيني
فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر
بالألم ...
وكانت هذه كذبتها الثامنة
وبعدما قالت لي ذلك ، أغلقت عينيها ، فلم
تفتحهما بعدها أبدا ...
إلى كل من ينعم بوجود أمه في حياته :
حافظ على هذه النعمة قبل أن تحزن على
فقدانها ...
وإلى كل من فقد أمه الحبيبة :
تذكر دائما كم تعبت من أجلك ، وادع الله
تعالى لها بالرحمة والمغفرة ....
أحبك يا
أمــــــــــــــــــــــــــي
لا تنسوا الدعاء لامى
دمتم في رضا الله ورضا الوالدين