MooN LoveR
منسقة سابقة


- إنضم
- Jun 28, 2008
- المشاركات
- 5,055
- مستوى التفاعل
- 29
- المطرح
- في العالم الخيالي


لا تستغربو من هل الشي ئلي كاتبتو بس الئصة ومافيها اليوم كنت عند عمتي وانا عندي ابن عمة كاتب حاصل الحديث في جريدة اسمها الثقافة الاسبوعية وهو منزل مقالة فيها وكانت جنبي فكان عندي فضول وشوف شو مكتب فيها وفتحتها وبستغرب بمقالة واولها اسم ابي الله يرحمو وجد كتير عجبتني وحابة اتشكر من كل قلبي لانو ذكر امور فعلا كانت من تصرفات ابي الله يرحموووووووووووو ورجعني لجرحي من جديد وكانت هي المقالة
إلى خالي :محمد بكري....
لم يبق لدي إلا كلمات انثرها على روحك الغالية"
_ 1_
رحلت فجأة ...
رحلت قبل أن أخبئ وجهك لآخر مرة في
عيني...
وقبل أن يجري خرير صوتك لآخر مرة في
أذني وقبل أن أتحدث إليك وتنقر كلماتك الأخيرة
كعصفور شوق على جذع قلبي وقبل أن أسمع منك
ولولآخرمرة كلماتك التي ستبقى أثرا منك يتردد في
هم شاهدوك قبل أن ترحل ..
وودعوك ,واستمعوا لشكواك.
هم عانقوك بنظراتهم ...بقبلاتهم ... بتساؤلاتهم ..
وكانوا شهودا عليك وكنت شاهدا على حزنهم..
وكنت أنا بعيدا ,بعيدا بغربتي ورحلتي وطريقي
الذي ارسمه ويرسمني كيما استمر في الحياة
وتستمر في الحياة..
_2_
ساعة حاصرني نبأ وفاتك تذكرت ما جمعني بك
منذ كنت طفلا صغيرا...
فأنت لا تدري انك من صنع الطفولة في
داخلي..
وأنك من علمني أن أمزق أوراق المال مثلك لو
تعارضت مع قلبي..
وأنت من أذاقني حلاوة الطفولة .. فكنت أول من أهدني
دمية جعلتني أحب الأنوثة واقدرها ,وأول من أهدني
"دبابة"جعلتني أمجد البطولة ,وأول من حقق
أمنيتي رغم اعتراض أمي فأهديتني قطة صغيرة
ربيتها على عيني وربتني وكبرنا معا فصارت قطة
جميلة وصرت فتى قادرا أكثر على فهم معنى أن
تكون مسؤولا عن مخلوق يخصك وحدك ...
وأنت أول من حقق رغباتي الطفولية التي كانت
حلما ورديا كان أملآ المثلجات بنفسي من عند البائع,
وأن امسك مقود شاحنة وأحركه بيدي الصغيرتين
وأنا ابن الخامسة.
كنت لك ملازما سنوات الطفولة الباكرة , تعلمت
من ملازمتك حب الحارات القديمة /مساعدة الناس/
التغلب على الآلام /والحنان الفائق...
تعلمت منك رغبة عارمة في السفر والترحال
ونحن نجوب معا في السيارة الآفاق من مكان إلى
أخر.لايمكن أن أنسى أغنيات قد لاتعني لغيري
شيئا ولكنها تعني لي الكثير لأنها تذكرني بك وبتلك
المرحلة من الزمن الوردي , لا ازال اردد أغنية
"مشوار رايحين مشوار "لحكمة وهبي,و"وشر وال
جدك ياجدي "لطوني حدشيت ,و"مش مهم تكوني
حدي "لعازار حبيب..........
_3_
لاادري ما أقول لك؟
منذ أيام جئت إلى سوريا ولكنني وللمرة الأولى
أكون فيها ولا تكون أنت ..
أنت لم تكن هناك ,لم تكن في مدينتك حماه,في
بيتك, في مزرعتك ,لم أجدك في أي مكان , فقط
وجدت نعوتك ملصقة هنا وهناك ... طافت بي الذاكرة
يوم كنت تأتي إلى بيتنا , لم أجد سيارتك التي طالما
صففتها بعشوائية ,وطالما غادرتنا مسرعا على اثر
"زمور" غاضب من سيارة تحاول دخول زقاق الحارة
وسيارتك تقف سدا لها ,وكنا نسرع إليك ونحن نعلم
يقينا أن سيارتك هي السبب حتى دون أن ننظر من
النافذة . أنت عشوائي بالفطرة ولكنني أحب
عشوائيتك , أحب جنونك , أحب خفضك جناح الذل من
الرحمة لامرأة فقدت عقلها في حارتكم القديمة ,كان
الناس يؤذونها بألسنتهم وأيديهم وكنت تعطف عليها
وتطعمها وتلبيها...
_4_
ياه , سنوات متراكمة من الذكريات طافت بي يا
خالي الحبيب..
بفراقك أيقنت أن ما يربطني بك حاجة أليك
وليس عادة , فأنت لم تكن يوما عادة الفتها في
حياتي ولن تكون أبدا.
كنت عندما امرض في صغري أطلبك أنت
تحديدا وكنت تلبي ندائي ..
في كل أموري كنت أناديك أنت تحديدا...
ربما كنت بنظري ولا تزال الرجل الذي آمنت
بأنني سأجده حيثما طلبته.
_5_
هل كنت تشعر بدنو أجلك منذ أخر زيارة لي ؟
أتذكر قبل سنوات عندما مات عمي وزرنا قبره
ما قلت لي ,قلت :ياخالو هم السابقون ونحن
اللاحقون..وغدا يلفوننا بقطعة قماش ويضعوننا في
حفرة وكأننا ما كنا يوما /الله يعينا على آخرتنا يا
خالو/ثم نظرت إلى البعيد وقلت:"إلا من اتا الله
بقلب سليم "وظلت تلك الآية محفورة في وجدان
وجداني وستبقى لآخر العمر .......
وفي آخر زيارة كنت تردد وكنت أسمعك ولم اعبأ بما تقول
:"اقترب أجلي يا خالو " كنت مصيبا,
كنت تقترب من رحيلك.....وصدقت فقد اقترب منك
أجلك حتى تلاشت فيه وتلاشى فيك. وغبت عنا
وغابت معك دنيا من الصور والأحاديث وصارت
جرحا مفتوحا على تساؤلات الرحيل.
_6_
اليوم علي أن اقنع نفسي بأنك رحلت , وانك
أطبقت جفنيك على سمائك الخضراء مرة واحدة
وللأبد ,وانك طويت ضحكاتك ومشاكساتك وصوت
عصاك التي تتوكأ عليها من آلام قدمك والى الأبد,
وانك بكل تفاصيلك الصغيرة جدا من نتف شاربك تلك
العادة التي لازمتك , الى غمز عينك بملاطفة رقيقة,
إلى ابتسامتك الرائعة , الى "زمور"سيارتك عندما
تأتي وكأنك تهيئنا لمجيئك قبل صعودك الى بيتنا , الى
طريقة مد يدك مصافحا وأحيانا متشاقيا وأنت تقلبها
على وجهها وكأنك تطلب منا ان نقبلها لك فنضحك
وتضحك , كل ذلك رحل ياخالي ورحلت معه ,رحلت
قبل ان أراك .. وقبل ان أكلمك .. وقبل ان اجلس إلى جوراك
مخففا عنك سكرات الرحيل.
_7_
في زيارتي قبل الأخيرة كنت قد لازمتني كثيرا ,
هل كنت تودعني وانا لا ادري ؟هل كنت تخبرني
بمعرفتك السر "اقترب الاجل ياخالو"كم قلتها لي
وكم حاولت تجاهل ما تقول ,وربما لانني كنت لا اريد
تصديق انك قد تموت مثل كل الناس !
انت خربت مفهومي عن الحب ,انا لاادري
لماذا احبك لهذه الدرجة ؟هل لان طفولتي الجميلة
تفتحت على صورتك وصوتك ؟ هل لان أمي أرضعتني
مع حليبها حبك ؟هل لانك كنت تلبيني دوما والمرء
يحب من يلبيه ,هل لانني كنت مطمئنا على امي
وأبي وإخوتي في غربتي لانك بينهم؟
انا لم أناقشك يوما عما في أعماقي ,لم أبح
يوما لك بما اشعر ,لم تعرف يوما مكنونات نفسي,
ومع هذا احبك ,احبك ولولم تفهمني ولوكنت في
واد وانت في واد ,ولو كنا في دربين مختلفين
ولكنني احبك لانك رفيق اكثر دروبي قدما ولانك
زارع الفرح في قلبي الذي كان وقتها اصغر ما يكون
وأنقى ما يكون ... يوم كان قلبي الطفو لي يخفق فرحا
لأي شيء , وتسكنه الملا ئكة.
كنت من القلائل الذين تخليت رحيلهم قبل
رحيلهم ,والذين فكرت فيما لو رحلوا ماذا يكون اثر
رحيلهم في نفسي , ولكنني ما توقعت انه فاجعة بهذا
الحجم , وانك في دمي تجري ككريات دمي ؟مسافة
شاسعة بين ما نتخيله بانفسنايا خالي وما تكون
عليه الامور.
_8_
انا نادم إنني لم اهرع أليك في مرضك , لم أكن
الى جانبك في تقلباتك الصحية , انا مستاء من تجار
البشر المتخفين تحت الملاءة البيضاء ,مستاء ممن
ربيتهم ولك يحفظوا جيدا فيك أمل الحياة وأنت الذي
أعطيتهم بلا حدود, مستاء من غربة منعتني عنك,
مستاء من ايام تخيط لنا قمصان النسيان ثم ترغمنا
على ارتدائها لنبدو كمهرجين وسط ساحات من الصمت
العقيم ,مستاء من قبر ضمك ولم يضمك
صدري اليه , مستاء ممن زرعوا الآس على قبرك
وهم الذين زرعوا خنجر الموت في قلبك مرارا,
مستاء من كوني مضطر ا لقبول رحيلك, فلو جمعت
نداءات العالم كلها في صوتي ونادبتك فلن تعود,ما
حدث حدث وانتهى , وشئت انا ام لم اشا فلقد رحلت
وأردت أنا ام لم ارد فلقد رحلت ,وتمنيت انا ام لم
اتمنى فلقد رحلت ,رحلت مرة واحدة والى الابد.
شيء واحد يجعلني ازرع زهرة الفرح وسط
حزني الصارخ ,انه أيمانك بالله الذي لازمك حتى
الرمق الأخير ,كنت قويا ومرحا حتى اللحظة الأخيرة
وأنت تطلب رشفة ماء من اخي قبيل رحيلك بدقائق
وكم كانت رائعة منك أن تمازحه بكلماتك المشاكسة
المعهودة وتنتزع الماء منه انتزاعا ثم تنطق بأروع
ما نطقت به شفاه قبيل الرحيل :"أشهد ألا اله ألا الله
وانا محمدا رسول الله"كررتها مرتين ثم
فتحت عينيك الخضراوين على دهشة تركت على شفتيك ابتسامة هانئة
.انا أغبطك من أعماقي على
هذه الميتة وهذا الرحيل ,ربما كان الأولى ان ابكي
نفسي وان أتمنى لها رحيلا مشرفا كرحيلك...فانا
ميت يرثى ميت .......وراحل يودع راحل ...وغائب يتوهم
الحضور أمام غائب مثله.
_9_
خالي محمد :
أعلم أنني لن أراك في الدنيا بعد اليوم ابدا ,
وأنني سأزور سوريا ان قدر الله مرارا ولن تكون
هناك ,وأنني فقدت عزيزا كريما كان مؤنسا لي في
وحشة طريق الحياة , ولكنني اعلم بالمثل ان الحياة
كل الحياة كذبة وومضة بصر لا تستحق كل هذا
العناء وان الأمور بخواتيمها وان الحياة يمكن
اختصارها بكلمات نطقتها أنت وكانت ما تبقى منك.
علينا ان نوطن أنفسنا على الفراق اكثر من
اللقاء ,فقدرنا أننا مخلوقات نعي الحيلة والموت,
وقدرنا ان نشقى بوعينا وإحساسنا وان نتقلب في
قلق حتى نستقر خارج موجات الأيام وضرباتها
المتلاطمة........
_10_
شيء واحد سابقيه دليلا على حضورك لدي
وهو رقم جوالك والاسم "خالو محمد"على
الجوال لن امحوه ولن أمحوك ولن اعترف في قلبي انك رحلت
لأنك ما حييت في قلبي فأنت ذاكرة نبضي ونفخة
الحنان التي طالما ستبقى تغلف روحي بحنين حارق
لحفنة من صوتك ولوقع خطاك ولقليل من البريق
الأخضر في عينيك ومن لب الحياة حتى الحياة
في روحك.......
سلام عليك ... سلام ع روحك ... سلام موصول
بلا انقطاع يزهر على عتبات قبرك........قبرك المسافر
كمركب وحيد في بحر الزمن ..
حمدا الله ,حمدا لأرحم الراحمين , وإنا لله وإنا
أليه لاراجعون.
إلى خالي :محمد بكري....
لم يبق لدي إلا كلمات انثرها على روحك الغالية"
_ 1_
رحلت فجأة ...
رحلت قبل أن أخبئ وجهك لآخر مرة في
عيني...
وقبل أن يجري خرير صوتك لآخر مرة في
أذني وقبل أن أتحدث إليك وتنقر كلماتك الأخيرة
كعصفور شوق على جذع قلبي وقبل أن أسمع منك
ولولآخرمرة كلماتك التي ستبقى أثرا منك يتردد في
هم شاهدوك قبل أن ترحل ..
وودعوك ,واستمعوا لشكواك.
هم عانقوك بنظراتهم ...بقبلاتهم ... بتساؤلاتهم ..
وكانوا شهودا عليك وكنت شاهدا على حزنهم..
وكنت أنا بعيدا ,بعيدا بغربتي ورحلتي وطريقي
الذي ارسمه ويرسمني كيما استمر في الحياة
وتستمر في الحياة..
_2_
ساعة حاصرني نبأ وفاتك تذكرت ما جمعني بك
منذ كنت طفلا صغيرا...
فأنت لا تدري انك من صنع الطفولة في
داخلي..
وأنك من علمني أن أمزق أوراق المال مثلك لو
تعارضت مع قلبي..
وأنت من أذاقني حلاوة الطفولة .. فكنت أول من أهدني
دمية جعلتني أحب الأنوثة واقدرها ,وأول من أهدني
"دبابة"جعلتني أمجد البطولة ,وأول من حقق
أمنيتي رغم اعتراض أمي فأهديتني قطة صغيرة
ربيتها على عيني وربتني وكبرنا معا فصارت قطة
جميلة وصرت فتى قادرا أكثر على فهم معنى أن
تكون مسؤولا عن مخلوق يخصك وحدك ...
وأنت أول من حقق رغباتي الطفولية التي كانت
حلما ورديا كان أملآ المثلجات بنفسي من عند البائع,
وأن امسك مقود شاحنة وأحركه بيدي الصغيرتين
وأنا ابن الخامسة.
كنت لك ملازما سنوات الطفولة الباكرة , تعلمت
من ملازمتك حب الحارات القديمة /مساعدة الناس/
التغلب على الآلام /والحنان الفائق...
تعلمت منك رغبة عارمة في السفر والترحال
ونحن نجوب معا في السيارة الآفاق من مكان إلى
أخر.لايمكن أن أنسى أغنيات قد لاتعني لغيري
شيئا ولكنها تعني لي الكثير لأنها تذكرني بك وبتلك
المرحلة من الزمن الوردي , لا ازال اردد أغنية
"مشوار رايحين مشوار "لحكمة وهبي,و"وشر وال
جدك ياجدي "لطوني حدشيت ,و"مش مهم تكوني
حدي "لعازار حبيب..........
_3_
لاادري ما أقول لك؟
منذ أيام جئت إلى سوريا ولكنني وللمرة الأولى
أكون فيها ولا تكون أنت ..
أنت لم تكن هناك ,لم تكن في مدينتك حماه,في
بيتك, في مزرعتك ,لم أجدك في أي مكان , فقط
وجدت نعوتك ملصقة هنا وهناك ... طافت بي الذاكرة
يوم كنت تأتي إلى بيتنا , لم أجد سيارتك التي طالما
صففتها بعشوائية ,وطالما غادرتنا مسرعا على اثر
"زمور" غاضب من سيارة تحاول دخول زقاق الحارة
وسيارتك تقف سدا لها ,وكنا نسرع إليك ونحن نعلم
يقينا أن سيارتك هي السبب حتى دون أن ننظر من
النافذة . أنت عشوائي بالفطرة ولكنني أحب
عشوائيتك , أحب جنونك , أحب خفضك جناح الذل من
الرحمة لامرأة فقدت عقلها في حارتكم القديمة ,كان
الناس يؤذونها بألسنتهم وأيديهم وكنت تعطف عليها
وتطعمها وتلبيها...
_4_
ياه , سنوات متراكمة من الذكريات طافت بي يا
خالي الحبيب..
بفراقك أيقنت أن ما يربطني بك حاجة أليك
وليس عادة , فأنت لم تكن يوما عادة الفتها في
حياتي ولن تكون أبدا.
كنت عندما امرض في صغري أطلبك أنت
تحديدا وكنت تلبي ندائي ..
في كل أموري كنت أناديك أنت تحديدا...
ربما كنت بنظري ولا تزال الرجل الذي آمنت
بأنني سأجده حيثما طلبته.
_5_
هل كنت تشعر بدنو أجلك منذ أخر زيارة لي ؟
أتذكر قبل سنوات عندما مات عمي وزرنا قبره
ما قلت لي ,قلت :ياخالو هم السابقون ونحن
اللاحقون..وغدا يلفوننا بقطعة قماش ويضعوننا في
حفرة وكأننا ما كنا يوما /الله يعينا على آخرتنا يا
خالو/ثم نظرت إلى البعيد وقلت:"إلا من اتا الله
بقلب سليم "وظلت تلك الآية محفورة في وجدان
وجداني وستبقى لآخر العمر .......
وفي آخر زيارة كنت تردد وكنت أسمعك ولم اعبأ بما تقول
:"اقترب أجلي يا خالو " كنت مصيبا,
كنت تقترب من رحيلك.....وصدقت فقد اقترب منك
أجلك حتى تلاشت فيه وتلاشى فيك. وغبت عنا
وغابت معك دنيا من الصور والأحاديث وصارت
جرحا مفتوحا على تساؤلات الرحيل.
_6_
اليوم علي أن اقنع نفسي بأنك رحلت , وانك
أطبقت جفنيك على سمائك الخضراء مرة واحدة
وللأبد ,وانك طويت ضحكاتك ومشاكساتك وصوت
عصاك التي تتوكأ عليها من آلام قدمك والى الأبد,
وانك بكل تفاصيلك الصغيرة جدا من نتف شاربك تلك
العادة التي لازمتك , الى غمز عينك بملاطفة رقيقة,
إلى ابتسامتك الرائعة , الى "زمور"سيارتك عندما
تأتي وكأنك تهيئنا لمجيئك قبل صعودك الى بيتنا , الى
طريقة مد يدك مصافحا وأحيانا متشاقيا وأنت تقلبها
على وجهها وكأنك تطلب منا ان نقبلها لك فنضحك
وتضحك , كل ذلك رحل ياخالي ورحلت معه ,رحلت
قبل ان أراك .. وقبل ان أكلمك .. وقبل ان اجلس إلى جوراك
مخففا عنك سكرات الرحيل.
_7_
في زيارتي قبل الأخيرة كنت قد لازمتني كثيرا ,
هل كنت تودعني وانا لا ادري ؟هل كنت تخبرني
بمعرفتك السر "اقترب الاجل ياخالو"كم قلتها لي
وكم حاولت تجاهل ما تقول ,وربما لانني كنت لا اريد
تصديق انك قد تموت مثل كل الناس !
انت خربت مفهومي عن الحب ,انا لاادري
لماذا احبك لهذه الدرجة ؟هل لان طفولتي الجميلة
تفتحت على صورتك وصوتك ؟ هل لان أمي أرضعتني
مع حليبها حبك ؟هل لانك كنت تلبيني دوما والمرء
يحب من يلبيه ,هل لانني كنت مطمئنا على امي
وأبي وإخوتي في غربتي لانك بينهم؟
انا لم أناقشك يوما عما في أعماقي ,لم أبح
يوما لك بما اشعر ,لم تعرف يوما مكنونات نفسي,
ومع هذا احبك ,احبك ولولم تفهمني ولوكنت في
واد وانت في واد ,ولو كنا في دربين مختلفين
ولكنني احبك لانك رفيق اكثر دروبي قدما ولانك
زارع الفرح في قلبي الذي كان وقتها اصغر ما يكون
وأنقى ما يكون ... يوم كان قلبي الطفو لي يخفق فرحا
لأي شيء , وتسكنه الملا ئكة.
كنت من القلائل الذين تخليت رحيلهم قبل
رحيلهم ,والذين فكرت فيما لو رحلوا ماذا يكون اثر
رحيلهم في نفسي , ولكنني ما توقعت انه فاجعة بهذا
الحجم , وانك في دمي تجري ككريات دمي ؟مسافة
شاسعة بين ما نتخيله بانفسنايا خالي وما تكون
عليه الامور.
_8_
انا نادم إنني لم اهرع أليك في مرضك , لم أكن
الى جانبك في تقلباتك الصحية , انا مستاء من تجار
البشر المتخفين تحت الملاءة البيضاء ,مستاء ممن
ربيتهم ولك يحفظوا جيدا فيك أمل الحياة وأنت الذي
أعطيتهم بلا حدود, مستاء من غربة منعتني عنك,
مستاء من ايام تخيط لنا قمصان النسيان ثم ترغمنا
على ارتدائها لنبدو كمهرجين وسط ساحات من الصمت
العقيم ,مستاء من قبر ضمك ولم يضمك
صدري اليه , مستاء ممن زرعوا الآس على قبرك
وهم الذين زرعوا خنجر الموت في قلبك مرارا,
مستاء من كوني مضطر ا لقبول رحيلك, فلو جمعت
نداءات العالم كلها في صوتي ونادبتك فلن تعود,ما
حدث حدث وانتهى , وشئت انا ام لم اشا فلقد رحلت
وأردت أنا ام لم ارد فلقد رحلت ,وتمنيت انا ام لم
اتمنى فلقد رحلت ,رحلت مرة واحدة والى الابد.
شيء واحد يجعلني ازرع زهرة الفرح وسط
حزني الصارخ ,انه أيمانك بالله الذي لازمك حتى
الرمق الأخير ,كنت قويا ومرحا حتى اللحظة الأخيرة
وأنت تطلب رشفة ماء من اخي قبيل رحيلك بدقائق
وكم كانت رائعة منك أن تمازحه بكلماتك المشاكسة
المعهودة وتنتزع الماء منه انتزاعا ثم تنطق بأروع
ما نطقت به شفاه قبيل الرحيل :"أشهد ألا اله ألا الله
وانا محمدا رسول الله"كررتها مرتين ثم
فتحت عينيك الخضراوين على دهشة تركت على شفتيك ابتسامة هانئة
.انا أغبطك من أعماقي على
هذه الميتة وهذا الرحيل ,ربما كان الأولى ان ابكي
نفسي وان أتمنى لها رحيلا مشرفا كرحيلك...فانا
ميت يرثى ميت .......وراحل يودع راحل ...وغائب يتوهم
الحضور أمام غائب مثله.
_9_
خالي محمد :
أعلم أنني لن أراك في الدنيا بعد اليوم ابدا ,
وأنني سأزور سوريا ان قدر الله مرارا ولن تكون
هناك ,وأنني فقدت عزيزا كريما كان مؤنسا لي في
وحشة طريق الحياة , ولكنني اعلم بالمثل ان الحياة
كل الحياة كذبة وومضة بصر لا تستحق كل هذا
العناء وان الأمور بخواتيمها وان الحياة يمكن
اختصارها بكلمات نطقتها أنت وكانت ما تبقى منك.
علينا ان نوطن أنفسنا على الفراق اكثر من
اللقاء ,فقدرنا أننا مخلوقات نعي الحيلة والموت,
وقدرنا ان نشقى بوعينا وإحساسنا وان نتقلب في
قلق حتى نستقر خارج موجات الأيام وضرباتها
المتلاطمة........
_10_
شيء واحد سابقيه دليلا على حضورك لدي
وهو رقم جوالك والاسم "خالو محمد"على
الجوال لن امحوه ولن أمحوك ولن اعترف في قلبي انك رحلت
لأنك ما حييت في قلبي فأنت ذاكرة نبضي ونفخة
الحنان التي طالما ستبقى تغلف روحي بحنين حارق
لحفنة من صوتك ولوقع خطاك ولقليل من البريق
الأخضر في عينيك ومن لب الحياة حتى الحياة
في روحك.......
سلام عليك ... سلام ع روحك ... سلام موصول
بلا انقطاع يزهر على عتبات قبرك........قبرك المسافر
كمركب وحيد في بحر الزمن ..
حمدا الله ,حمدا لأرحم الراحمين , وإنا لله وإنا
أليه لاراجعون.