قبل أن تجف الدموع

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
قبل أن تجف دموعنا على شهدائنا فى سيناء يجب أن نحوّل هذه المأساة إلى وقفة حاسمة، نتدارك بها أخطاء الماضى، وجنايتنا على جزء غال من الوطن، تعاملنا معه وكأنه غير موجود، وتعاملنا مع سكانه على أنهم مشكوك فى ولائهم، وأنهم مصدر للمشاكل والأزمات.

الانفلات الأمنى فى سيناء ليس جديدا، بل هو مستمر منذ قبل الثورة، وحالة العداء التى خلقتها طريقة تعامل النظام القديم مع أهل سيناء يجب أن تنتهى، فلن نستطيع أن نصمد فى وجه ضربات الخارج إلا عبر جبهة داخلية متماسكة لا صدع فيها، ولا شقوق، ولا ثارات، ولا إحساس بالقمع وغمط الحقوق.
كل من يتحدث عن منظومة الأمن القومى لمصر يؤكد أن تنمية سيناء هى أحد أضلاع هذه المنظومة، ولكن ما زلنا حتى الآن نتحدث دون فعل حقيقى يتبنى الكثير من الرؤى التى يطرحها المتخصصون فى هذا الشأن.
رضوخنا لبنود اتفاقية كامب ديفيد بما فيها من إجحاف كامل للسيادة المصرية أمر مثير للدهشة، فكل الدول تتحرك لتعديل أى اتفاقية يثبت الالتزام بها اختراق أمنها القومى، أو المساس بمصالحها على المستوى الاستراتيجى. والبنود الأمنية بكامب ديفيد يجب أن تكون محل نقاش وتغيير دون أى إبطاء، ودون أن يطلق بعضهم فزاعات تخويف من نقض المعاهدة مع إسرائيل، وما سيترتب عليه، هذا ليس نقضا بل إصلاح لأخطاء، سامح الله من وقع عليها. والمنهجية والطريقة التى تحرك بها الجانب الإسرائيلى لحماية حدوده تبين الفرق الكبير بين صلاحيات السيادة لكل دولة على الجانبين، ولا بد أن نعترف أن سيادتنا على سيناء سيادة منقوصة.
أتعجب أيضاً ممن سارعوا وقاموا بإلقاء الاتهامات على الفلسطينيين دون دليل أو تثبت، وكذلك ممن وظفوا الحدث لاستهداف شخص الرئيس وجماعته، وربط ما حدث حول علاقة جماعة الإخوان المسلمين بحماس التى تعتبر نفسها فرعاً من فروع جماعة الإخوان المسلمين العالمية.
إعمال العقل ولو للحظات يؤكد أن أكبر المتضررين من الجريمة هم الفلسطينيون الذين سيدفعون الثمن عقب هذه الأحداث بعد غلق المعابر، وتشديد الإجراءات الأمنية، ولذلك بشكل مبدئى أستبعد تورط حماس أو أى من حركات المقاومة الفلسطينية الشريفة فى هذا الحادث الإجرامى.
كما أظهرت هذه الأحداث عن وجوه بائسة سمحت لنفسها بالشماتة والتشفى فى جيش مصر بسبب اختلافها السياسى مع قيادة المجلس العسكرى أثناء الفترة الانتقالية، لم أتخيل للحظة واحدة أن أرى إنسانا يحمل الجنسية المصرية يقول أنا سعيد بهذه الدماء التى سالت، ويسخر من جيش بلده ويشمت فيه. إنه سقوط أخلاقى مريع، وتشوه إنسانى بشع لا يعبر أبدا عن نفوس المصريين المخلصة التى سالت دموعها، وتقطعت قلوبها حزنا على أنهار الدم التى روت أرض رفح، واختطفت زمرة طاهرة من شباب مصر فى شهر رمضان الكريم.
إن الضربة التى لا تقصم ظهورنا تقوينا، لذلك قد يجعل الله فى المحنة منحة إذا تعاملنا معها بشكل صحيح. لا نريد أن ندخل فى دوامة الإرهاب مرة أخرى، فالوطن لن يحتمل، ولن نستطيع أن نقود قطار التنمية إذا تم العبث بمنظومة أمننا القومى.
نريد تهيئة للمناخ حتى نستطيع أن نعبر بمصر للأمام ونحقق أهداف الثورة.. إعادة تقييم منظومة الأمن القومى وإصلاح أخطاء الماضى، والاهتمام بسيناء وجعل تنميتها من الأولويات الوطنية ولو عبر استحداث وزارة لتنمية سيناء، وإنهاء القطيعة مع المواطنين المصريين السيناويين، ورفع الظلم عنهم، وإنهاء مظالمهم، وإضافة عقيدة قتالية للجيش المصرى والشرطة المصرية تعنى بالحرب على الإرهاب واجتثاث جذوره وتجفيف منابعه.. كل هذه الخطوات لا غنى عنها بشكل عاجل، رحم الله شهداءنا، وألهمنا الصبر والثبات.
 
أعلى